هذا هو مبارك

Hi, it’s me again, back!

"ولا يوم من أيامك يا مبارك"

جملة أخذت تردد على مسامعي مؤخرا .. سرا وعلانية.

ففي وسط "الوكسة" التي نعيشها بعد وصول "قمة" "التحول الديمقراطي " بعد ثورة "سلمية" قام بها الشعب و "حمتها " قواته المسلحة لكي "تتوج" بالانتخابات الرئاسية ليعلن الشعب عن "ارادته" "الحره" في الإختياربين مرشح الفلول وحكم العسكر ومرشح حكم المرشد!!

إذا امتلأ قلبك ضيقا واشمئزازا من سرطان التطرف الديني والجهل , وآلمتك غيرتك على دين الله من تلك الأصوات والوجوه التي اتخذت الإسلام غطاءا لمطامح سياسية وتجارية وإعلامية رخيصة  وتعصب جاهلية أعمى, انقبضت من وهابيتهم التى تنأى عنها وسطية وانفتاح أم الدنيا, واتستشطت غضبا وحزنا على كم البشرالذين يصدقون كذبهم وافتراءاتهم وهلاوسهم فتحسرت على إعلام وعصر مبارك الذي لم تكن لترى فيه هذه الوجوه البغيضة أو تسمع تلك الأصوات .. حقك .. لكن تذكر أنه هو نظام مبارك وأمن دولته الذي ضيّق وطارد الدعاة الوسطيين , ومنع عليهم المساجد وسد عليهم القنوات, إلا من رحم ربي , وهو نظام مبارك وعهده وسنينة وأمن دولته التي افسدت وهمشت وسطحت قدرات مصنع الدعوة وقلعة الوسطية ومنارة العلم الأزهرالشريف – بالمقارنة مع دوره العلمي والدعوي والتنويري في عصر عبدالناصر أو السادات مثلا.

نعم. هذا هو مبارك الذي حرمنا نظامه جيشا من الدعاة المتنورين المتعلمين الدارسين بحق لدين الله كان له أن يتصدى اليوم لخفافيش الظلام التي تعبث  في العقل والعاطفة الدينية عند المصريين.

إذا عصر الحزن قلبك على الإقتصاد .. وكيف أنه ينهار ولن يقوم إلا بقرض من هنا ودين من هناك.. فلا تلوم إلا الرجل وحزبه العصابة الذي أغلق المصانع وأفسد الأرض والزراعة  وأهدر الموارد والأسواق ولم يترك سوى بنية وعجلة اقتصادية وهمية قائمة على الشحاتة. الشحات الأكبر مبارك.

إذا تملكك اليأس من وجود أحزاب وكوادر سياسية تستطيع المنافسة في العملية الديمقراطية, تستطيع التنظيم والعمل السياسي الذي ينطلق من البناء أكثر من الإسقاط و الهدم ومسيرة هنا ومليونية هناك.. أحزاب ذات برامج جادة وواقعية تلعب لعبة السياسة وتستطيع تحقيق مقاعد وأغلبية في العملية السياسية والإنتخابية دون المتاجرة بالشعارات الدينية والزيت والسكر, أو تستطيع الخروج منها بمرشح رئاسي واحد "عليه القيمه" .. فهؤلاء هم نتاج أزهى عصور الديمقراطية !! أحزاب مبارك في ديمقراطية مبارك !!

وإذا عصف بك القلق والانزعاج من مدى الفوضى والوحشية والانفلات الذي تسيطر على الشارع المصري اجتماعيا وسياسيا وأمنيا, فهذا لأن البلطجية وثقافتهم هي التي تسيطر الآن .. من أول الشارع .. والموارد .. والأحداث .. إلى المزيكا والأغاني التي تسمعها من التوك توك المار بجانبك أو محمول زميلك الذي تجلس بجانبه.

أذكرك أن هؤلاء البلطجية هم نتاج العشوائيات والفقر والقهرإنتاج نظام مبارك .. هم فخر صناعة داخليته على مدى عقود ..تسويق وتشغيل !

وإذا تحدثت أو استمعت لمن حولك ممن كنت تحسبهم من النخبة والقادة في المجتمع .. فاندهشت وصعقت من مدى جهل وسطحية وتخلف عقول فوق صدور تحمل أرفع وأعلى الدرجات والشهادات .. وعرفت أن أمر أبعد من طبقة أو درجة أو مكانة اجتماعية أو علمية .. فانت مع مُخرج ونتاج تعليم و إعلام مبارك.. تعليم دكتور الأطفال وإعلام الريادة !!

نعم .. هذا هو مبارك الذي يتحسر المرضى على أيامه .. مبارك ذلك الكهل الصلِف العنيد الذي وأد مصرومؤسساتها في عقده الأخيربكهوله وحرسه العفن ولم  يترك لشبابها وشعبها طريقا آخر سوى الإنفجار.

انفجار لم يستطع عقله الصدء تخيله أو استيعابه أو التعامل معه, لندفع ثمنه جميعا بأنهار دم وحاضر منع عنه نسيج العناكب الضي ومستقبل بلد صار يغشية الضباب.

 نحن في حصاد ما زرع مبارك على مدى 20 سنة.

إذا كنت ممن تتملكهم الحسرة على مصر مبارك وأيامه .. فمبروك عليك نهضة مرسي . 

لو مشكلتك الوحيدة أنك بعد "أيام مبارك" بدأت تستشعر بقلق وانزعاج من عدم الأمن أو الخدمات الأساسية من كهرباء أو مياه, أو ربما ارتفاع تكاليف الحياه الأساسية من مأكل وملبس , أو شعورك ببعض الاضطهاد لأنك مختلف أو لأنك لست من التيار̸ الحزب الحاكم .. فطبعا هذا حقك وخاصة بعد ثورة عظيمة قد تبدو وكأن انتهى بها المطاف للوكسة الحاكمة . المشكلة الحقيقية إذا لم تنزعج من وجود مشاكل تطحن وتفتك بالآلاف من وطنك تتفاقم على مدى عقدين لمجرد أنها لم تعبر ببابك وتصور لك أنانيتك وطبقيتك أن أيام المستبد كانت جنة !  

قد تتغير الأسماء والمسميات.. القهر هو القهر .. هوس الحكم هو هوس الحكم .. الغباء هو الغباء .. والفشل هو الفشل ..الظلم هو الظلم .. حتى لو تبدلت الأماكن .. والعبيد هم العبيد ..سواء كان المسمى فلول أو خرفان .. حزب وطني أو إخوان.

يبقى الأمل .. لأن الإنسان المصري قد تغير.