Hi, it’s me
again, back!
ستظل واقفا أمامه.. تدور في
دوامات إغوائة.. لا تسمع إلا هدير نداءات أمواجه تناجي قلبك الظمآن.
تستسلم له متلذذا, و تسلم له
مطمئنا, فلا أحد يعرفك سواه, و لم سيمعك أحد سواه.. فأنت لا تتكلم , ووحده يستطيع قراءة الأحلام.
تستنشق ألفة رائحته, وتُسكِن
روحك لطهر الماء و الملح , تملأ رئتيك التي طالما اختنقت
بعفن ما دونه, تستعذب ذراته و لمساته وكأنها خُلقت ونضجت لتمنحك لحظة حياة, قبل أن تمضي لفنائها
المحتوم.
تقف أمامه مفتونا بعنفوانه و
ثورته, تغبط حركته الدائمة, و تمرده على أي حدود أو قيود .. هذا العصّي المتمرد
وحده يضمن لك الرحيل.
من دون العالم هذا قرينك..
نعم تعْلَم, كيف لا و انت مَن روحك عَصَت على أحضان أكاذيب الاستقرار.
تنظر لأغوار زرقاته, تغوص في
سُكْرأحلامها, تتجاذبك أطياف خيالاتك, بالبَرالآخربالجانب الآخر, تشتد نبضاتك شوقا
و توقا لعالم آخرحيث لا يعرفك أحد و لا تعرف أحد.. تُسبِل عيناك بأمل فرصتك
للادراك, وانت يا الملعون بالتيه و النسيان.
تتعذب بسعي نشوتك المبتورة
وراء الكمال, تتلوًّع برغبتك في القاء نفسك في حنان أحضان هذا الموج العاصف , تفرد
أطرافك بحرية تضرب بها و تسطر قدرك على صفحاته.. تتحرك و تتشقلب , تقاوم و تعبر,
تغرق وتطفو.. و تستمر و تستمر.. إلى أن تتلقفك أحضان أخرى لشاطئ آخر, من غربة
لغربة أقل قسوة ووحدة.
تريد أن تقفز .. تتملكك
الرغبة في ذلك . مهلك, يبدو أنك نسيت, نسيت أنك لا تجيد العوم , لم تُثبت
الجلد على الوقوف في الماء, كعادتك دوما نَفَسك قصير, تمل سريعا وتتوقف سريعا
لاهثا وراء ثمة أرض تحمل ثقلك.. لترميه عليها.
انظر معي .
هذا انت بقدماك المتصلبة على
الرصيف الأسمنتي الجامد, مغروسة في حذائك الجلد الفاخر, أحكمت رباطها بألف رباط, طوقت
خصرك بحزام حديدي, و آخر حريري لعنقك, و آخر معدني حول رسغك, تغالي في ماركاتها,
وتزايد في أسعارها, تفاخر وتتعالي ببعض قيود.
لا تملك سوى الشرود والنظرات .
ستبقى واقفا. حالما. منتظرا.
فهذا انت.
وهذا مقدورك.

No comments:
Post a Comment