Saturday, June 23, 2012

هذا مقدورك



Hi, it’s me again, back!
ستظل واقفا أمامه.. تدور في دوامات إغوائة.. لا تسمع إلا هدير نداءات أمواجه تناجي قلبك الظمآن.
تستسلم له متلذذا, و تسلم له مطمئنا, فلا أحد يعرفك سواه, و لم سيمعك أحد سواه.. فأنت لا تتكلم , ووحده يستطيع قراءة الأحلام.
تستنشق ألفة رائحته, وتُسكِن روحك لطهر الماء و الملح , تملأ رئتيك التي طالما اختنقت بعفن ما دونه, تستعذب ذراته و لمساته وكأنها خُلقت  ونضجت لتمنحك لحظة حياة, قبل أن تمضي لفنائها المحتوم.
تقف أمامه مفتونا بعنفوانه و ثورته, تغبط حركته الدائمة, و تمرده على أي حدود أو قيود .. هذا العصّي المتمرد وحده يضمن لك الرحيل.
من دون العالم هذا قرينك.. نعم تعْلَم, كيف لا و انت مَن روحك عَصَت على أحضان أكاذيب الاستقرار.
تنظر لأغوار زرقاته, تغوص في سُكْرأحلامها, تتجاذبك أطياف خيالاتك, بالبَرالآخربالجانب الآخر, تشتد نبضاتك شوقا و توقا لعالم آخرحيث لا يعرفك أحد و لا تعرف أحد.. تُسبِل عيناك بأمل فرصتك للادراك, وانت يا الملعون بالتيه و النسيان.
تتعذب بسعي نشوتك المبتورة وراء الكمال, تتلوًّع برغبتك في القاء نفسك في حنان أحضان هذا الموج العاصف , تفرد أطرافك بحرية تضرب بها و تسطر قدرك على صفحاته.. تتحرك و تتشقلب , تقاوم و تعبر, تغرق وتطفو.. و تستمر و تستمر.. إلى أن تتلقفك أحضان أخرى لشاطئ آخر, من غربة لغربة أقل قسوة ووحدة.
تريد أن تقفز .. تتملكك الرغبة في ذلك . مهلك, يبدو أنك نسيت, نسيت أنك لا تجيد العوم , لم تُثبت الجلد على الوقوف في الماء, كعادتك دوما نَفَسك قصير, تمل سريعا وتتوقف سريعا لاهثا وراء ثمة أرض تحمل ثقلك.. لترميه عليها.
انظر معي .
هذا انت بقدماك المتصلبة على الرصيف الأسمنتي الجامد, مغروسة في حذائك الجلد الفاخر, أحكمت رباطها بألف رباط, طوقت خصرك بحزام حديدي, و آخر حريري لعنقك, و آخر معدني حول رسغك, تغالي في ماركاتها, وتزايد في أسعارها, تفاخر وتتعالي ببعض قيود.
لا تملك سوى الشرود والنظرات .
ستبقى واقفا. حالما. منتظرا.

فهذا انت.
وهذا مقدورك.

No comments:

Post a Comment