Saturday, September 3, 2011

تأملات القهوة


Hi,it’s me again, back! I know it’s been a long time .
كنت في المصيف ..قاعده على قهوة بلدي حلوة مع أبويا ..أبويا راجل اتربى و كبر و حلم في عصره (عصره ..اه كلمة عصره  افضَّلها عن عهده .. اه الحدوته كانت حدوته عصر و era  بردُه ) .. ابويا راجل بيحبه قوي و مسامحه قوي – دا في الأوقات النادرة اللي بيقتنع فيها انه غلط اصلا !!
أنا و أبويا اصحاب قوي .. ودايما مع بعض .. بس زى ما بنتفق كتير.. بنختلف زي على طول .. في حاجات كتير .. و في النقطة دي بالذات ..
أنا شايفة انه ضيّع عُمرأبويا و جيله كله ب 67 .. شايفة أنه كدب .. انه خدع .. انه استغفل .. انه تجًّبر و تكًّبر .. و يمكن استغبى !
أبويا شايف أن أيامه كانت أحلى أيام .. أيام العزه و الكرامة !!!!!!!!!!!!!!!!
أنا شايفاه ديكتاتور .. و أبويا شايفه زعيم .
أنا دايما بأحلم و عايشة عشان أحلم .. و يمكن الحلم هو الوقت الوحيد اللي بأحس اني عايشه !! .. و معظم الوقت مش حاسه إني "راضيه " .
أبويا يمكن ما بيحلمش كتير .. بس "عايش" .. عايش حياته زي ما هو عايزها و الأحلى أنه دائما راضي بها و عنها ..
أبويا دائما عارف هو عايز ايه .. أما أنا فعارفه بس أنا مش عايزه ايه !
 أنا سمعت و قرأت تاريخ و شهادات على قدي قوي , في عصر الاعلام الحر و المفتوح – خاصة عندما يتعلق الأمر بالسابقين !
أبويا عاشه .. يوم بيوم .. عُمر بعٌمر .. يمكن في عصر صوت العرب و هيكل و أحمد سعيد .. بس عاشه !
مش عارفة أنا ليه بأكتب دلوقتي عن أبويا .. و ليه أصلا بأكتب عنه .. مانيش مجنونة بيه ولا ضده .. و مانيش مهووسة بتقييم الأشخاص و الحكم عليهم .. أنا معظم الوقت لا أبالي .. مختاره ألا أبالي إلا بعبره أو فكره أو حاله ..
يمكن عشان شفت صورته كتير.. في ميدان التحرير –which I didn’t like much  - , و صور متعلقه على كُشك سجاير في الطريق الدائري .. و مرفوع عالحيطة اللي في القهوة ..
في 2011 ..

بعيد عني و عن أبويا .. و عن ايه ميل سياسي .. ناصري كان أو ساداتي .. و لا حتي نانساوي أو هيفاوي .. السؤل اللي جعلني أكتب .. هو الراجل صاحب القهوة أو الكٌشك أو اليافطة والناس اللي عندهم و بيعدوا على الصورة   .. شايفين في صورة الراجل ده ايه ؟  في  2011 ؟؟
يمكن أن واحد منهم وصل أنه بقى رئيس جمهورية ؟ المصري الصعيدي ابن الراجل البوسطجي بعد ما كانت حكر على أسرة ملكية من أصل تركي , الطموح و الترقي ؟ .. واحد مننا .
أنه هو بقى " اننا " .. حالة عندما يصبح "هو " .."نحن" – أو هكذا خلق الحاله في عصره .
يمكن الحماشة و الوضوح و الرجولة الصعيدي .. فكرة أننا ما بنخافش من حد و ما حدش يقدريكسرنا أو يلوي ذراعنا أو يطاطي رأسنا ؟ بدون لَوَع أو مماينه .. حالة اللا تنازل اللا خنوع اللا تلوُّن – أو هكذا صوّر الحاله في عصره .
فكرة ان هناك من يشعر بك و يهتم لأدق تفاصيلك الحياتية من رغيف الخبز وابنك اللي لو طلع من الأوائل هيكرَّمه بنفسه في عيد العلم .. و لا ايديك اللي هيسلِّم عليها من عربيته المكشوفة لو شافك و فرحت معه بالمصنع الي بيفتحه في حلوان .. أو هيقرأ و يرد على الجواب اللي بعته له تشكي له فيه همّك و مشكلتك.
فكرة انك تدخل بأمل كليات زي العلوم و الهندسة باجتهادك و انت عارف انك هاتخرج تشتغل ويبقى لك لازمة .. و فكرة انك تعلِّم ابنك تعليم جيد يؤهله انه يعلى به و يشتغل و يترقى في المجتمع .. فرصته انه يبقى حاجه ناجحه و "مستورة" .. مش تعليم مقفول على نخبة معينة و أولادهم بشهادات معينة لوظائف معينة .. غير تعليم باقي الناس الذي لا يتعدى كام حرف يملوا ديكور الخانات الفاضية في الأوراق الرسمية !!
فكرة الحلم و الوصول لما بعد الحدود.. لا حدود الحلم .. قومية خلقت أمه حدودها من الشام للمغرب .. و روحها و أفكارها وصلت لأمريكا اللاتينية و أفريقيا و الهند !!
صورة نداء جمعهم بقولة الله أكبر من منبر الأزهر للمقاومة و التصدي لعدوان اسرائيل و "الغرب" !
لا أصدق أن ملايين المصريين التي خرجت في جنازته تبكيه في حالة وصلت إلى الهيستيرية .. و الناس التي مازالت ترفع صورته و تعلقها على القهوة .. أو في البيت أو في الميدان .. بعد سقوطها من الحوائط و المنتديات الحكومية و الرسمية بزمان .. تؤمن أو تعترف أو حتى تبالي بأفكاره عن الاشتراكية أو الامبريالية أو القومية العربية .. و لا حتى معتقلاته و القمع والتسلط و التعذيب وتجييش الآلة الاعلامية و الديكتاتورية التي مورست في عهده  !
الصورة بالراجل اللي فيها ربما تمثل هذه الأفكار .. أو بمعنى أصح " الروح " ..
روح الأمل .. "الكرامة" .. """"""""""التحرر!!""""""""""" .. الحلم  ؟ .. زعيم ؟؟؟ .. سد عالي و قناة السويس و مصانع و فدادين سد بها جوع الفلاحين ؟....... ؟؟ .....
الفكرة أن أبويا و كتير مثله مسامحينه .. و صدّقوه و بيحبوه .. و بيحبو سيرته و أيامه . مسامحينه و شاكرين له .
أما أنا مثلا .. مش مسامحاه على الديكتاتورية .. و التسلط .. و المركزية و الفردية التي مازلنا ندفع ثمنها إلى اليوم .
مش مسامحاه على المعتقلات و الحيطان اللي لها ودان و الشمس اللي كان نظامه بيودي أي حد مختلف وراها.. مش مسامحاه على " الدولة البوليسية \ العسكرية " التي ثبت قواعدها بدلا من إلغاءها بعد "ثورة \انقلاب 52 " .. مش مسامحاه على تعذيب و قهر و نفي أي حد صاحب رأي مختلف !
و مش ممكن أسامحه على 67 .. و شبابنا الشهداء الذين استشهدوا بغباء قياداته و قراراته .. و ضاعت سنينهم في معتقلات الأسر الاسرائيلية .. مش مسامحه على الانفراد و الاستفراد بالدولة .. مش مسامحاه على سوء اختيارالقيادات .. من أول أساس الصحوبية لأساس الولاء !!
مش مسامحاه على الدولة التي كان من الممكن أن تكونها مصر كدولة عالم أول إذا كان طبَّق و فعًّل الديمقراطية حقيقةَ "البداية الصح " ..مش مسامحاه على مصر اللي ضيّعها حتى و لو رضى الكثيرون بمصر التي حققها .. مش مسامحاه على مصر العالم الثالث التي وصلنا إليها "نظامة" و "ديكتاتورية نظامة و بوليسية دولته" !
و مش مسامحاه على التليفزيون المصري و الصحف القومية التي هي نتاج تلاميذ عصره !
مش مسامحاه على كل ده .. بس أبي و كثيرين من جيله و كثيرين غيره مسامحينه و قابلينه و حبينه و شاكرين له ..
هم و كثير من الشعب المصري احبوا و انبهروا بنموذج الأب و الزعيم الذي جسده .. بما فيها من توفيرحماية و استقرار و دعم مزعوم .. ما ينظرون له في صورته المرفوعة ..
أما أنا فأرفض هذا النموذج الأبوي السلطوي .. و هذه الوصاية و الولاء الذي أرغم عليها .. فهذا ما ثار جيلي عليه !
أنا أريد "النظام " و ليس الزعيم .. نظام ديمقراطي يرفع و يقدس قيم الكرامة و الانسانية و العدالة و الحرية .. ينتصر لها لا على أنقاضها .
هذا هو الفرق بيني و بين أبي.




-         جعلتني الصورة أتأمل .. تلك الجنازة المهيبة و الوداع الحار أكيد أنها لشخص غير عادي .. ربما كان حسن النية و مخلص الوطنية و عظيم الهمه و الطموح ..و ضياع مصر الحرة كان مجرد نتاج كبواته .. فلكل تجربة غفلاتها و أخطائها خاصة إذا كانت بحجم ثورة على ايدي شباب قليل الخبرة .. ربما.
-         جعلتني الصورة أتأمل ..الملايين التي خرجت في جنازته المهيبة .. أكيد كان لها أسبابها و دوافعها و عواطفها.
-         جعلتني الصورة أتأمل ..الشعب المصري نعم عاطفي .. و غالبا ما يغفر و يسامح لأسبابه الخاصه و حساباته الخاصه – التي غالبا لا أفهمها !
-         جعلتني الصورة أتأمل .. في أولويات نسبة كبيرة من الشعب المصري على مدار العقود و الأزمنة المختلفة .. بين الخبز و هيبة و كرامة وتنمية الدولة  .. و فكرة "الزعيم " .. و توفير الدولة للمأكل و المسكن و التعليم و الوظيفة .. و بين حماية مصر من "العدو" الخارجي .. وبين الحرية و حقوق الإنسان و الحق في التعبير و الاختلاف و الاختيارو كرامة المواطن .
-         جعلتني الصورة أتأمل .. لا يمكن تقييم أو الحكم على شخص \ تجربة بزاوية واحده أو حدث واحد فقط .. كل شخص \ تجربة و لها نجاحاتها و اخفاقاتها .. سدادها و اخطاءها .. و النوايا هي الحكم .. و لا يعلم النوايا إلا الله .. لكني أعتقد أن "العاطفة" هي ثرموميتر النوايا .
-         جعلتني الصورة أتأمل .. رغم الفوارق الضخمة بين 52 و 2011 .. إلا أن بين التجربتين هناك عبر و دروس يجب عدم اغفالها و لا يجب أن نقع في نفس الفخ مرتين.
جعلتني الصورة أتأمل .. فازداد ايماني بأن الديمقراطية هي الحل .. الديمقراطية هي البداية الصح.

No comments:

Post a Comment