Monday, October 7, 2013

حدوتة مكان

Hi, it's me again, back!

لا أكاد أدنو من منحدر الكوبري والهواء الساخن السريع يلفح يدي الممدودة من النافذة , هواء مثقل بالعوادم مختنقا بها رغم هذا التوقيت من العام الذي يحاول الإعلان عن وجوده في لسعة نسيم باردة تبزغ في استحياء , أهرب من أشعة الشمس الحمراء التي تغشى الأفق وتحتكر العالم , حتى ترتسم حدود الطريق برائحة بخور أصيلة تخترق كل جوانحي , حتى أنها تغطي على صوت اهتزازات الكوبري العتيق وهبد فواصلة الحديدية مع عبور السيارات المجاورة.
أفتح عيني مع ملامسة إطارات السيارة لأسفلت الأرض التي تعلن عن دخول عالم جديد , فريد وخاص , ينطوي على ذاته بكل ما تحويها من ألوان أقمشة حرير وكتان ملونة زاهية  ,  بكل ما تحمله من أحلام بيوت وحيوات جديدة بالرغم من كل ما يحمله الشارع من قدم وعتاقة وتراث.
تستحوذ رائحة البخور وتحويجة البن على ذاكرتك, تثير كل ما درسته عن تاريخ وعصور وممالك تكاد تكون بلا بداية أو نهاية.
لا أستطيع تحديد مصدر هذه الرائحة أو تركيبتها وكأنها تركيبة الزمن. رائحة تبهج صدرك لتركن إلى ظلال الشارع الرئيفة , التي سمحت لما تبقى من حمرة الشمس لتتوهج فوق الأعمدة الحديدية الصدئة , التي ترابطت فاصلة الشارع لإتجاهين لا شارعين , فلا أظن أحدا قد يستطيع أن يحد مرتاديه أو يقِّود مسارهم.
أشعر بأمان الرائحة التي غلفت الطريق وعزلته كعالم كامل من الأحجار الكبيرة , ورقصات التنورة وينسون الفيشاوي , مآذن الأزهر والحسين , بيوت الغوري وبوابات القاهرة القديمة , وزحام وجنون القاهرة الحديثة.
أرتاح لأمان قيادة جدي .. بكل ما فيها من ثقة واتزان. أمان يرتبط به وبالمكان .. شئء له علاقة بارتياحك لوجود أصل وامتداد جذر ضارب لسابع أرض في سعيه للاتصال ..
بك.

No comments:

Post a Comment