Hi, it's me again, back!
تقف في مركز الدائرة , مغمضة العينين ترتجف ,
تتقاذف أمواج الدوار جسدها المبتل يمينا ويسارا فتبدو كراقصة. يلتفون
حولها ويحيطونها في دوائر تحرسهم أرباب حفظ النظام في دائرة أكبرتتدرج بشكل متصاعد
ملتف بكراسي الحشود. تترامى ألسنة اللهب في تدريجة كل ركن مثمّن من حلزونة تنبثق
منها.
تقف مركزا لحلقة النيران , يتراقصون حولها في
إيقاع قبَليّ إفريقي متسارع , يتقافزون عليها ومع كل قفزة ..طعنة, مع كل التفاتة
صفعة , ويتناثرالرذاذ الأحمر حتى يملأ الهواء حول سيوفهم اللامعة الملونة التي تضوي
في الوجوه مع اجتذاذ النيران في قلب الكون المظلم.
هكذا كان تصميم الاستعراض , ومن أجل ذلك
اجتمعت الجماهير , تماما كما اتفقوا, وعلى ذلك أمّنوا.
تبدو الموسيقى التي تلعبها الفرقة مجرد روتين
وسط صرخاتها المتقطعة المسموعة بين حشود يتردد أصداء هتافاتها بين الحلقات, في
الحفل المهيب والجمع الرهيب فقط من أجل مشاهدتها ..والاستمتاع.
تدمدم أقدامهم الهواء المخمور مما يزيد من سرعة
دوران القوم حولها , و يرعد قلبها ضربات تزلزل ما تبقى من ينيانها, يَصَّعَد فزعها
وتتساقط الدموع ..والدماء. كان مطلوب منها أن تفعل كما المطلوب , تموت راقصة
متألمة , برضا وابتسام. تظل تتنامى صرخاتها مع الطعنات حتى دوي الصرخة الأخيرة,
الصرخة الأعمق , ربما كانت الأعلى .. صرخة الموت.
وتسحب جداول الدماء المتفرعة من جروحها ما
تبقى من خفقات هافتة لقلب راحل يعتزل النبض. تتهاوى صرعى في مكانها . يتوقف الرقص
, ويعلو الهتاف والتهليل والتصفيق حتى تصعق لسمعه ملائكة الأكوان.
وينتهي الحفل.
***********************
يخرج رجلان من العرض , مخمورين من الانبهار ,
منتشين بحمرة الدماء.
-" كانت ليلة رائعة .. عرض مبهر فعلا.
وماتت الفتاة ميتة جيدة .. لقد استمتعت حقا."
-"وأنا أيضا . ترى من كانت تلك الجميلة
؟ .. أتدري ماذا ارتكبت ؟ أتعلم شيئا عنها ؟ "
-" لا , لا أعرف. وهل حقا يهم؟ " ,
ويضحك.
-"عندك حق.. كانت ليلة رائعة , سحقا
للتفاصيل. ", ويتعالى ضحكه هو الآخر.
***********************
يتقابل الرجلان في اليوم التالي,
-"كيف حالك اليوم ؟ حفل الأمس كان جيدا,
شاهدت أخباره تملأ عناوين الصحف وأشرطة الأخبار .هل ستذهب لعرض يوم الجمعة القادم
؟"
- "لا أدري .. لم لا . لننتظر يومين حتى
يعلنوا تفاصيل الحفل القادم وعنوان العرض. علّهم يبتكرون أساليب جديدة في الموت ,
أخشى أني أخذت اعتيادها وأخاف أن يتخللني الملل .. فلا أجمل من الحشد والصحبة في
مشاهدة تلك العروض".
العرض مستمر.
No comments:
Post a Comment